سقطرى بين الحلم والحقيقة
بقلم/ يسري الاثوري
نشر منذ: 17 سنة و شهرين و 21 يوماً
الخميس 25 يناير-كانون الثاني 2007 08:53 م

مأرب برس – إيران – خاص 

ارض النعيم والسعادة او هذا ما يعنيه اسمها .. هكذا اطلق عليها الهنود قديماَ لكنها اليوم لا يبدو انها كذالك فالأمراض والفقر والجهل يكسي سطح الجزيرة بقدر ربما يطغى على أشجار دم الأخوين التي ارتبط اسمها باسم الجزيرة انها سقطرى .

اهمية الجزيرة لا ينكرها الا جاحد وقد عملت الامبروطوريات على مدار التاريخ جاهدة من اجل السيطرة على الجزيرة منذ القدم فاليونانيون ادركوا ذالك فغزاها الاسكندر بجحافلة وغزاها الرومان بعشرة الاف بكامل عتادهم وغزتها البرتغال بقيادة فاسكو دي جاما والتي استعمرتها لـ 7 سنوات ولم تسلم ايضاً من الاحتلال البريطاني واستخدمها كقاعدة انطلاق .

الجزيرة هي الاكبر على مستوى جزر الوطن العربي فمساحتها تبلغ3650 كيلومتر مربع ، وتفصل البحر العربي عن المحيط الهندي وكأنها ابت الا ان ت
كون بوابة العرب من الجنوب .

اما الموقع الجغرافي للجزيرة فيدركه الجميع فهي بوابة البحر الاحمر تغلقه وتفتحه متى ما تشاء والبوابة الجنوبية للجزيرة العربية الذي يبدو وكأن الساحل الجنوبي هو الساحل الوحيد المفتوح للجزيرة العربية على العالم اما القرن الافريقي فهي تقابله وليس ذالك للقرن الافريقي وحده ذالك وانما لجزء كبير من شرق افريقيا المطل على المحيط الهندي .

اما العالم فأنه قد تبخر بأجود انواع البخور انه البخور السقطرى الذي تنتجه اشجار الجزيرة ومنها شجرة دم الاخوين وهو يمثل جانبا من الاهمية الاقتصادية للجزيرة على مدى التاريخ .

اما السائحون من كل بقاع الارض فقد تكحلت عيونهم برؤية الجزيرة ونباتتها التي لا يوجد لها مثيل على الارض او ندر وجودها , وحيوانتها التي تلهو وتمرح دونما خوف من احد , واستظلوا بمظلاتها الطبيعية من شجرة دم الاخوين , عندما عادوا حلموا في ذاكرتهم عبق دم الاخوين الذي يفوح من اقصى سقطرى الى اقصاها .

إن سقطرى تكاد تكون المنطقة السياحية الاولى في اليمن وإحدى المتاحف الطبيعية المفتوحة في العالم .

اما الاهمية البيئة للجزيرة فلا يجهلها اي يمني او اي باحث في مجال الحياة النباتية والحيوانية ففيها من النباتات والحيوانات والطيور ما لا يوجد في اي مكان اخر على سطح الارض او ما ندر تواجده على بقاع قليلة ويطول المقام بذكرها.

يبدو ان اهمية الجزيرة غابت عن شعب الحكمة وحكومته فالجهود التي تبذل ما زالت ضئيلة فالفقر والمرض والجهل والامية وغياب الخدمات الاساسية هو ما نسمع به عن سقطرى وتهتم المنظمات الدولية بالجزيرة اكثر مما تهتم بها اليمن .

ماذا لو كان هناك اسبوعاً سوقطرياً تقيمه الحكومة والمنظمات اليمنية والدولية يعيد سقطرى الى الذاكرة اليمنية ويعمق انتماء ابناء الجزيرة الى وطنهم الام ويحدث تواصلاً بين ابناء الجزيرة وبقية ابناء اليمن تشارك كل وسائل الاعلام فيه بحملات للتعريف بالجزيرة وايصال صوتها الى كل انحاء اليمن وخارج اليمن .

وتقام فيه الندوات والمؤتمرات العلمية التي تهتم بشئون ومشكلات الجزيرة المختلفة من صحة وتعليم وطبيعة وغيرها يشارك فيه العلماء والباحثون والمهتمون بالجزيرة والمثقفون والكتاب والصحفيون والاعلاميون من كل مناطق اليمن واقطار الوطن العربي والعالم اجمع وهو ما سيساهم في الحفاظ على الجزيرة وتطويرها وايجاد حلول لمشكلات الجزيرة ابناء ها .

تنظم فية مهرجانات ثقافية وسياحية وامسيات شعرية وفعاليات مختلفة وهو ما سيؤدي بدورة الى رفع المستوى الثقافي لأبناء الجزيرة وتشجيع السياحة الداخلية والوافدة من الخارج الى الجزيرة وبالتالي تحسين ورفع المستوى المعيشي لابناءها الفقراء .

تقام فيه المخيمات الطبية وحملات التوعية الصحية التي ستودي الى رفع المستوى الصحي المتدني هناك وإن كان هذا بحاجة الى برنامج طوال العام اكثر مما يحتاج الى حملات صحية .

تنظم رحلات الى الجزيرة تزيد من روابط ابناء الجزيرة باخوانهم من مختلف الاراضي اليمنية وتزيد من اواصر العلاقات الاخوية بين ابناء اليمن الغالي وتؤيد انتماءهم الى الوطن .

تفتتح فيه المشاريع الخدمية ومشاريع البنى التحتية مثل المدارس والمستشفيات والحدائق وكهرباء ومياة وتلفون و طرقات وغيرها تلك التي يكاد وجودها ينعدم في الجزيرة .

تجمع خلاله التبرعات لصالح الجزيرة واقامة المشاريع الخيرية فيها ولمساعدة ابناءها الفقراء الذين هم من اشد الناس فقراً على مستوى اليمن ويستحقون كل عناية واهتمام من قبل اخوانهم اهل الايمان .

واريد ان اشير هنا الى مثال يدل على مدى الجهل بالجزيرة وبأحد اهم معالمها وهي شجرة دم الاخوين ففي احد المعارض التي اقامها الطلاب المشكورون على ذالك في الخارج عرضت شجرة الاسفيد على انها دم الاخوين والصورة تم جلبها من السفارة اليمنية وعندما اعترضت بحكم معرفتي بشجرة الاسفيد التي تنتشر في مناطق اخرى من اليمن ومنها قريتي لم يُجدي اعتراضي رغم شكل شجرة دم الاخوين المميز الذي يشبه المظلة واصر الاخوة على أنها شجرة دم الاخوين !!!

واخيراً إن عيون الطامعين لم تغمض جفنها يوما عن الجزيرة منذ قدم التاريخ اما عيوننا فقد غفت عن الجزيرة منذ زمن بعيد وتعمل الرياح على عزل الجزيرة عن العالم لبضعة اشهر في العام ونعمل نحن على عزلها بقية العام فهل نصحو قبل ان نصحو على انباء كارثة كما حصل لجزر حنيش التي لم نكن نسمع بها قبل عام 1995 .