مستقبل غامض لليمن بسبب الصراع بين الحوثيين و«القاعدة» يحبط أحلام اليمنيين(تقرير)

السبت 22 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 الساعة 03 مساءً / مأرب برس - القدس العربي - خالد الحمادي
عدد القراءات 1923
الصورة تعبيرية

يعيش الكثير من اليمنيين حالة من الصدمة الكبيرة، لم يفيقوا منها منذ سقوط العاصمة صنعاء في أيدي أنصار الله (المسلحون الحوثيون) في 21 أيلول /سبتمبر الماضي، ليقينهم بأن سقوط العاصمة يعني سقوط الدولة، وهو ما أكدته الايام اللاحقة لذلك السقوط الكبير، في حين اكتشفت الأجهزة الأمنية خلية للاغتيالات السياسية يتزعمها قائد عسكري سابق من أصحاب النفوذ الكبير.

ومنذ سقوط صنعاء وأغلب اليمنيين يعيشون هول الصدمة، يحاولون التعايش معها، يمتصون آلامها ويحاولون العثور على آمال منها، لكن كل الأحلام والطموحات تتبخر مع كل صخرة يصطدمون بها، حيث لا مكان في (اليمن الحوثي) سوى للحوثيين فقط ومن سار على نهجهم.

وقال العديد من المسؤولين لــ(القدس العربي) ان القرار العسكري والأمني والسياسي وحتى الاقتصادي لم يعد بيد الدولة ولكن بيد الحوثيين، أصحاب النفوذ الحقيقي في البلاد، والذين أصبحوا يتحكمون بالبلاد باسم الدولة، التي يتخذونها غطاء سياسيا لكافة تحركاتهم. وأوضحوا أنه «لم تعد للدولة أي هيبة أو نفوذ، في ظل تحكم المسلحين الحوثيين بكل شيء فيها، حيث شكلوا حكومة ظلّ يمارسون من خلالها أنشطة موازية لمهام الدولة في الجوانب الأمنية والقضائية والعسكرية وغيرها».

وقال أحد كبار المسؤولين «لم يعد لسلطات الدولة أي حُرمة في ظل النفوذ القوي للحوثيين… لم يعد الوزراء ولا كبار رجالات الدولة أحرارا من قيود وهيمنة المسلحين الحوثيين، يمكن لأي مسلح حوثي أن يقتحم رئاسة الوزراء (مقر الحكومة) لمحاصرة وزير أو محاولة اختطافه في مرأى ومسمع من أجهزة الدولة وقواتها الأمنية، دون أن تحرك ساكنا، كما حصل قبل أيام لأحد الوزراء المخضرمين، وفوق ذلك تتحرك الدولة وكأن الأمر لا يعنيها، كما أنها حاولت التستّر عليه هربا من الفضيحة».

أغلب المحافظات الواقعة في إطار اليمن الشمالي سابقا، ماعدا محافظات مأرب والجوف وتعز، أصبحت تحت الهيمنة الحوثية بشكل مباشر أو غير مباشر، يسيّرون فيها الأمور حسب رغبتهم بقوة السلاح، لا أحدا من المسئولين يجرؤ فيها على الحديث أو التحرك خلافا للهوى الحوثي، والكل فيها يسيرون في فلكه المرسوم.

واضطر أغلب اليمنيين في المحافظات الشمالية إلى الاستسلام للمسلحين الحوثيين طواعية دون مقاومة طالما وأن الدولة استسلمت بكل ثقلها وبكل عتادها وعدّتها، والتي أعطتهم حجما أكبر من حجمهم وهوّلت من قوتهم.

ولم يجابه المسلحين من أنصار الله الحوثيين سوى أنصار الشريعة (عناصر القاعدة) المتعطشين للدماء، كما يرخصونه أنصار الحوثي، حيث جوبهت عناصر أنصار الله بعناصر انصار الشريعة في مدينة رداع والمناطق القبلية المحيطة بها، ولكل منهم مبرره للقتال ضد الآخر، وللحصول على صك دخول الجنّة ـ في اعتقادهم ـ عبر دماء الآخر من أبناء جلدته وأبناء دينه وبلده.

وقلب المسلحون الحوثيون الموازين السياسية في البلاد، وغيروا خارطة الطريق التي رسمها مؤتمر الحوار الوطني، التي طالبت فيها الجماعات المسلحة بتسليم أسلحتها الثقيلة والمتوسطة للدولة، وحصل عكس ذلك، حيث أجبرت الدولة على تسليك الكثير من سلاحها للحوثيين ووراء ذلك نفوذها السياسي، كما حصل في صنعاء.

بالأمس القريب طالب الكثير من النشطاء الشباب إخلاء العاصمة صنعاء من المسلحين الحوثيين الذين شوّهوا واجهة هذه المدينة الحضارية، في ظل الفراغ الأمني الكبير الذي تركته قوات الأمن ومؤسسات الدولة للحوثيين يعبثون بها كما يشاءون، فرد عليهم الحوثيون بممارسة الضغط على الدولة لاستيعاب وتجنيد كافة المسلحين الحوثي ضمن الأجهزة الأمنية التابعة للدولة، بمعنى (تحويث) أجهزة الدولة بدلا من نزع سلاح الحوثيين، وهذا ما يجري عمليا على أرض الواقع وفقا للعديد من المصادر التي تحدثت لـ(القدس العربي).

وذكرت المصادر أن الأجهزة الأمنية بدأت بالفعل خلال الأيام القليلة الماضية باستيعاب الكثير من المسلحين الحوثيين في معسكرات الدولة، وتدريبهم عسكريا حتى ينزلوا للشوارع كقوات أمن حكومية، وعلى الرغم من ذلك لم يكتفي الحوثيون بذلك فطالبوا بتغيير قائد قوات الأمن الخاصة بقائد جديد من أتباعهم الموالي لهم، وحاولوا القيام بانتفاضة داخل معسكر القوات الخاصة حتى أجبروا الرئيس عبدربه منصور هادي على تعيين رئيس أركان حرب لقوات الأمن الخاصة من الموالين للحوثيين، والذي يعد منصبه الأهم من مركز القيادة.

وأعلنت وكالة الأنباء اليمنية سبأ الحكومية أن وزير الداخلية اللواء جلال علي الرويشان كلف العميد عبدالرزاق أحمد المروني رئيساً لأركان حرب قوات الأمن الخاصة، بدلاً عن العميد أحمد المقدشي.

وذكرت مصادر مسؤولة ان المروني يعتبر من المقربين جدا من جماعة الحوثي، وتم فرضه من قبل الحوثيين الخميس الماضي من قبلهم عقب مناوشات مسلحة بين مسلحين حوثيين وقوات مؤيدة لقائد قوات الأمن الخاصة اللواء محمد منصور الغدراء.

وأوضحت ان المروني هو القائد الفعلي حاليا لقوات الأمن الخاصة بدعم من مسلحي جماعة الحوثي المسيطرة على العاصمة برمتها، ووصفت ما حدث الخميس الماضي بـ(الانقلاب الكامل) على القيادات الأمنية المعيّنة من الرئيس هادي.

الى ذلك بثت بعض المواقع الجهادية رسالة مسجلة للقائد العسكري لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب قاسم الريمي توعد فيها بتوجيه ضربات قوية ضد مسلحي (أنصار الله) الحوثيين.

وقال الريمي ان مافعله الحوثيون جرائم كبيرة وأنها لن تمر من دون حساب وعقاب. وكشف ان الحوثيين هم الهدف الأول لهجمات القاعدة. وخاطب زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي «أنتم هدفنا اليوم، وخروجك من سراديبك هو خير عون لنا عليك».

وجاءت نقمة القاعدة ورغبة عناصرها في الانتقام من الحوثيين بعد تحقيق مسلحي جماعة الحوثي مكاسب عسكرية وتقدما كبيرا في محافظة البيضاء وبالذات في مناطق مدينة رداع القبلية وفي مديريات العدين الثلاث في محافظة إب، بالاضافة إلى استيلاء الحوثيين على عدد من المحافظات الأخرى.

الى ذلك برر رئيس المكتب السياسي لجماعة الحوثي ومستشار الرئيس للشؤون السياسية صالح الصماد الأعمال العسكرية لجماعة الحوثي بالدفاع عن النفس وقال «ان جماعة الحوثي لا تطمع في السيطرة على اليمن، ولا يحمل أفرادها السلاح إلا للدفاع عن أنفسهم».

ونسبت مصادر إعلامية إلى الصماد قوله إن «الحوثيين من أبناء الشعب اليمني وهم متواجدون في محافظات كثيرة وقد كانوا مستهدفين من قبل». وأضاف «إن تحركاتنا جميعها تأتي في إطار حمايتنا لوجودنا ودفاعنا عن أنفسنا وممتلكاتنا، فالمناطق التي لا وجود لنا فيها لا حاجة لنا بها».