الحوثيون يواجهون جبهات عديدة أبرزها القاعدة ورجال القبائل، و أرحب تبدأ عملياتها الانتقامية

الأحد 21 ديسمبر-كانون الأول 2014 الساعة 06 مساءً / مأرب برس – خالد الحمادي:
عدد القراءات 6122

بدأ رجال قبيلة أرحب المسلحون عملياتهم الانتقامية من المسلحين الحوثيين مساء الخميس، بعبوة ناسفة زرعت على جانب الطريق استهدفت موكبا للمسلحين الحوثيين، ألحقوها بهجوم مسلح عليهم والاجهاز على من تبقى منهم.

وعلمت «القدس العربي» من مصدر قبلي أن «رجال القبائل المسلحين في قبيلة أرحب تمكنوا من تنفيذ عملية عسكرية ضد المسلحين الحوثيين أسفرت عن مقتل 16 مسلحا حوثيا كانوا على متن 3 سيارات متجهة نحو قبيلة أرحب».

وأوضح أن هذه العملية جاءت انتقاما من المسلحين الحوثيين، الذين يطلقون على أنفسهم «أنصار الله» وذلك بعد أن اقتحموا قرى ومناطق قبيلة أرحب قبل أقل من أسبوعين، ودمّروا العديد من المنازل والمدارس ودور القرآن والمقار الحزبية لخصومهم السياسيين والقبليين.

وتعتبر هذه أكبر عملية ضد الحوثيين يقوم بها مسلحون قبليون في أرحب، وربما تكون مقدمة لعمليات أخرى ضدهم، في مؤشر إلى احتمال ان اقتحام المسلحين الحوثيين لقبيلة أرحب والسيطرة عليها بمساعدة قوات الجيش المرابط في الجبال المحيطة بأرحب الموالي للحوثيين لن يكون آخر المطاف بقدر ما يكون البداية لاستمرار جبهات المواجهات بين رجال القبائل في أرحب والعديد من المناطق القبلية المحيطة بها وبالذات في محافظات الجوف ومأرب والبيضاء.

وتزامنت عملية أرحب ضد الحوثيين، مع عملية أخرى في مدينة الحديدة، غربي اليمن، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات، وسارع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لتبني هذه العملية التي تعتبر باكورة عمليات تنظيم القاعدة في مدينة الحديدة ضد المسلحين الحوثيين الذين اقتحموها وسيطروا عليها قبل عدة أسابيع.

وفي حين يواجه المسلحون الحوثيون عمليات انتقامية كبيرة يتزعمها رجال القبائل وعناصر القاعدة في محافظة البيضاء وتحديدا في أرياف مدينة رداع، التي تعتبر أحد أبرز معاقل القاعدة التي يجدون فيها حاضنة اجتماعية قبلية، بدأت إرهاصات العمليات القبلية ضد الحوثيين تتبلور وتظهر إلى السطح، بشكل يختلف عن المواجهات المباشرة، لتقليل الخسائر البشرية، وتعطي مؤشرا بفتح جبهات جديدة ضد الحوثيين في أكثر من محور. وأصبح المسلحون الحوثيون يتكبدون خسائر بشرية بشكل شبه يومي في أكثر من منطقة من مناطق اليمن، بعد أن سيطروا بقوة السلاح على أغلب مناطق الشمال، ويواجهون تذمرا واسعا في أوساط سكان المناطق القبلية التي اقتحموها بقوة السلاح وواكبوا عملياتهم المسلحة بأخرى انتقامية واسعة، اقتحموا خلالها البيوت وطردوا السكان وتسببوا في مقتل الكثير من أبناء تلك المناطق.

وتحتل قبيلة أرحب موقعا هاما في الخريطة القبلية اليمنية بحكم موقعها الاستراتيجي في أطراف العاصمة صنعاء، ولقربها من مطار صنعاء الدولي وكانت بمثابة الحزام الأمني القبلي للعاصمة صنعاء ولمطارها الأكبر في البلاد، كما أن رجال قبائل أرحب لعبوا دورا مهما في التصدي لقوى الدولة ممثلة بقوات الحرس الجمهوري، التي حاول النظام السابق استخدامها ضد الثورة الشعبية في العاصمة صنعاء عام 2011، وتمكنت قبائل أرحب من احباط تلك القوات التي كانت متمركزة في الجبال المطلة عليها من الوصول إلى العاصمة صنعاء.

وفهم العديد من المراقبين أن العمليات الحوثية المسلحة لاقتحام مناطق قبيلة أرحب واستهداف مشائخ القبيلة البارزين الذين كان لهم دور كبير في التصدي لقوى الدولة في أرحب، كانت بمثابة الانتقام والثأر للنظام السابق الحليف البارز للحوثيين في معركتهم الحالية في كل أرجاء اليمن.

وذكر محللون يمنيون لـ»القدس العربي» أن «المسلحين الحوثيين الذين تمكنوا من فرض سيطرتهم على أغلب مناطق اليمن في الشمال وقبل ذلك على أغلب مفاصل الدولة، سيواجهون جبهات عدة خلال الفترة المقبلة، سياسية وعسكرية واقتصادية وغيرها».

وأوضحوا أن «الحوثيين حققوا مكاسب كبيرة على الأرض بقوتهم العسكرية خلال الشهور الماضية، إثر الدعم العسكري والتواطؤ الأمني معهم من قبل الكثير من قيادات الجيش والأمن، غير أنهم قد لا يستطيعون الحفاظ على هذه المكتسبات التي قد تنهار سريعا كما حصلوا عليها بشكل سريع». وأشاروا إلى أن الوضع العسكري والأمني والسياسي أضحى لا يطاق في اليمن، في ظل هيمنة الحوثيين على كل شيء في البلاد، كما أن الجبهات التي ستواجههم ليست بالضرورة من قبل القبائل التي تضررت منهم وقد لا تقتصر على عناصر القاعدة التي تعتبرهم خصما لأسباب مذهبية، ولكن قد تظهر جبهات جديدة من قبل حلفاء اليوم مع الحوثيين وذلك للخلافات التي قد تطرأ فيما بينهم حول تقاسم هذه المكتسبات التي حققها الحوثيون، والتي لم يكن تحقيقها ممكنا لو لا الدعم الكبير من حلفائهم السياسيين والعسكريين وفي مقدمتهم أتباع النظام السابق.

وتمكن المسلحون الحوثيون خلال أقل من ثلاثة أشهر من تفكيك القوى القبلية والسياسية والجيش والأمن وربما تفكيك البلاد برمتها، حيث استغلت فصائل الحراك الجنوبي انهيار المناطق الشمالية أمام المسلحين الحوثيين، لترفع وتيرة مطالبها بالإنفصال وفك الإرتباط بشمال اليمن التي توحدت معها في 1990.

ورغم كل تطمينات السياسيين الحوثيين إلا أن أفعال مسلحيهم في الشوارع والمناطق لا تدل على أن الوضع مطمئن، وهو ما خلق نوعا من الاستياء الواسع في الوسط القبلي والشعبي في المناطق والمدن التي اقتحموها وقوبلت بردود فعل واسعة سياسيا، مع بعض المواجهات العسكرية المحدودة.

ويواجه الحوثيون حراكا مناهضا وحركات معارضة في أكثر من مدينة يمنية وفي مقدمتها العاصمة صنعاء والحديدة وتعز والبيضاء وغيرها وان كانت متواضعة ولكنها في الغالب محاولة لكسر الحاجز النفسي لدى الوسط الشعبي والقوى السياسية التي اضطرت إلى الاستسلام أمام موجة الغول الحوثي المسلح الذي انهارت الدولة أمامه، ما جعل القوى السياسية والقبلية تنأى بنفسها عن مقاومته في ظل تواطؤ قوى الدولة معه.

وأوضح أكاديمي في جامعة صنعاء، فضّل عدم ذكر اسمه خوفا من سطوة الحوثيين، لـ»القدس العربي» أن «المجتمع اليمني برمته، بما فيه من مكونات سياسية وقبلية ومؤسسات عسكرية وأمنية وباقي مؤسسات الدولة أصيب بالصدمة الكبيرة جراء انهيار البلاد أمام المسلحين الحوثيين، ولكن لمجرد أن يفوقوا من هذه الصدمة قد لا يدوم شهر العسل للحوثيين» في إشارة إلى احتمال نشوء حركات مقاومة تولد من رحم المعاناة اليومية التي يعيشها الكثير من اليمنيين في ظل تقاعس الدولة عن حماية نفسها والمجتمع على حد سواء من سطوة المسلحين الحوثيين.

وقال «ان المرحلة المقبلة تظل حبلى بالمفاجآت، التي لا أحد يعلم حجمها وأبعادها ومستوى تأثيرها على الواقع الجديد الذي فرضه الحوثيون على الجميع دون استثناء، والذي اضطر العديد إلى الاستسلام أمامه والرضوخ له للخروج بأقل الخسائر البشرية والمادية».

ويعتقد العديد من السياسيين ان البلد مرشح للإنهيار العسكري والأمني والدخول في نفق مظلم جديد، له بداية وقد يكون من الصعوبة التنبؤ بنهايته، خاصة مع انهيار أبرز القوى التقليدية في البلاد وصعود قوى جديدة غير منضبطة تنظيميا وفكريا وقانونيا وهو ما ساهم في خلق المخاوف الكثيرة في أوساط النخبة السياسية، ودفع نحو التنبؤ باحتمال صعود جبهات مقاومة عديدة ضد المسلحين الحوثيين خلال المراحل المقبلة، والتي «قد لا يطول انتظارها» على حد تعبيرهم.

*القدس العربي

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن