سلفيون في مرمى السياسة
بقلم/ نبيل البكيري
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر و 17 يوماً
الثلاثاء 14 مايو 2013 04:58 م

لا شك أن الإعلان التحضيري لتأسيس حزب السلم والتنمية - بحسب الزميل حسن الحاشدي على صفحته الفيسبوكية - كثالث حزب سلفي في اليمن بعد حركة النهضة و حزب الرشاد، يعد خطوة سياسية موفقة وفي مسارها الصحيح، ستساهم في تعميق المسار السياسي الحواري للأفكار والرؤى والتصورات للخروج باليمن من عنق التخندقات المذهبية والطائفية القذرة، تلك التي يريد البعض العودة باليمن نحوها بسذاجة.

مثل هذه الخطوة بالتأكيد، تعد خطوة إيجابية ومطلوبة لتعزيز مسار التحول الديمقراطي والانتقال بالمجتمع اليمني، بعد ثورة فبراير السلمية، نحو مسارات العمل السياسي الديمقراطي التعددي، والبرامجي البعيد عن التخندقات القاتلة مذهبية أو مناطقية أو غيرها.

ولا شك أن مثل هذه الخطوة من قبل التيار السلفي، تؤشر لحقيقة الثورة اليمنية على أنها لم تكن فقط ثورة سياسية تطالب بالتغيير السياسي للنظام وتركيبته الحاكمة، بقدر ما كانت كغيرها من ثورات الربيع العربي ثورة فكرية ثقافية شاملة، غيرت كثير من المفاهيم والتصورات الأيدلوجية الجامدة عند كثير من الأطراف و القوى والتيارات والأفراد والجماعات على حد سواء.

وتأتي أهمية هذه الخطوة السلفية، بتأسيس هذا الحزب، ليعكس مدى التحول الكبير في مساق الأفكار ومسارها في المنظومة السلفية التي ظلت وإلى وقت قريب، بل لا يزال هناك مرجعيات سلفية، لا زالت حتى اللحظة تكفر العمل السياسي والحزبية والديمقراطية وكل ما له صلة بالحداثة السياسية برمتها.

ما يمكن الإشارة إليه في هذه العجالة، بخصوص منظومة الأفكار السياسية لدى الجماعات الدينية سنية أو شيعية، هو أن الإسهام في العمل السياسي من قبل هذه الجماعات يعمل على نزع القداسة والهالة الكاذبة التي يريد بعض هذه الجماعات أن يضفيه على نفسه وأفكاره وتوجهاته والنظر إليها على أنها نصوص مقدسة رغم بشريتها واجتهاديتها وخضوعها لوصف الصواب أو الخطأ عليها.

بيد أن ما يجب التركيز عليه من قبل هذه الجماعات هو التمييز بين الديني والسياسي، و أن العمل السياسي هو اجتهاد إنساني يومي يتعلق بإدارة حياة الناس وشؤون المجتمع، وبالتالي ينبغي أن تدرك هذه الجماعات أن الوعظ والإرشاد والدعوة لا مجال لها في السياسية، بقدر ما هي أنشطة دينية مجالها المساجد لا المؤسسات الحكومية، التي تتطلب إدارة ترتكز على الإنجاز والعمل وفقا للقواعد المؤسسية لهذه المؤسسة أو تلك.

فضلا عن هذا، أتمنى أن يكون هذا الحزب كسابقه من الأحزاب التي تبقى مقفلة على نوع واحد من الأعضاء الذين يؤمنون بأفكار نمطية محددة لدى هذه التيار أو ذاك ، وأن يفسح المجال أمام منتمين جدد من خارج إطار التيار،ما دام وأن الحزب ليس مذهباً فقهياً ولا قبيلة عرقية، وإنما هو برنامج سياسي، لإدارة الشأن العام.

باعتقادي أن أي تشكلات سياسية جديدة على الساحة هي مكسب للعملية الانتقالية في اليمن، وخطوة علاجية هامة لأمراض اجتماعية خطيرة، يراد إعادتها و بعثها من جديد، بعد أن قضى اليمنيون علي فيروساتها منذ خمسين عاماً، كمرض المذهبية والمناطقية، التي عانى منها اليمنيون طويلاً وذاقوا مرارتها حتى اللحظة، شمالاً وجنوباً.

لذا أتمنى أن يمثل حزب السلم والتنمية "السلفي" إضافة جيدة للمشهد السياسي، وأن يحرص القائمون عليه، بدراسة تجارب من سبقهم السياسية والاستفادة منها، حتى لا يمثل هذا الحزب الجديد مجرد نسخة مكررة مما هو موجود.