ثورة الصمود..!!
بقلم/ أحمد محمد عبدالغني
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 12 يوماً
الأربعاء 20 إبريل-نيسان 2011 12:05 ص

ستظل الثورة الشبابية اليمنية السلمية واحدة من الثورات الشعبية الفارقة في التاريخ العربي المعاصر. وسيظل شباب هذه الثورة مصدر فخر وإعجاب لوطنهم ولأنفسهم وللتاريخ الذي يسجل الأحداث من حولهم.

فهؤلاء الشباب هم أكثر من يعي حجم المعاناة التي يعيشها وطنهم، وهم أكثر من يكتوي بنار الاستبداد الجاثم على صدور اليمنيين منذ ثلاثة عقود.

فهم يرون أمام أعينهم كيف استأثرت القلة الحاكمة بالسلطة والثروة وكيف نهبت إمكانيات الوطن وخيراته وكيف تعاملت هذه السلطة مع الغالبية العظمى من جيل آباء الشباب وأقاربهم ومعارفهم في إطار الإزاحة والحرمان والتهميش وتعطيل الطاقات والخبرات وتحويلهم إلى بطالة مقنعة، قهرية واجبارية، الأمر الذي انعكس بصورة مباشرة على حياة هؤلاء الشباب، حيث أصبحت أسرهم عاجزة عن تلبية احتياجاتهم وتوفير المتطلبات الضرورية والأساسية لهم.

ومن ناحية أخرى لم تقف حدود التأثير على حياة الشباب عند هذا الحد، فهم إلى جانب ما يعانوه نتيجة الظلم الموجه نحو آباءهم وجدوا أنفسهم أمام ظلم وممارسات تستهدف حياتهم مباشرة، ابتداءً من حرمانهم الحصول على الفرص التعليمية المناسبة لقدراتهم وطموحاتهم والتي أصبحت محتكرة لأبناء القلة الحاكمة بما في ذلك المنح والبعثات التعليمية التي تقدمها الشركات الأجنبية العاملة في اليمن، ومروراً بحرمان هؤلاء الشباب من فرص العمل في الوقت الذي يرون أمام أعينهم كيف أصبحت الوظيفة العامة محتكرة للفئة المرتبطة بالنظام ودوائره الاستخباراتية، وكيف عملت قوى الفساد على تعطيل السياسات الاقتصادية الانتاجية وحولت الوطن إلى بيئة طاردة للاستثمار والرأسمال العامل..الخ.

وبالإضافة إلى ما سبق وجد الشباب أنفسهم أمام مستقبل مظلم حيث أغلق عليهم نظام الحكم الفاسد هذا، كل آفاق المستقبل. فلا فرص عمل، عامة او خاصة، ولا فرص مشاركة ولا مواطنة متساوية ولا عدالة في تقاسم السلطة والثروة ولا نظام وقانون يحمي الحقوق والحريات، ولا مؤسسات تضطلع بمسئولياتها تجاه الوطن والمواطن.

ولذلك لم ينزل هؤلاء الشباب إلى ساحات الحرية وميادين التغيير، عبثاً ولا ترفاً ولا انقياداً لإرادات الآخرين كما يحاول النظام الفاسد وخطابه الإعلامي أن يصور المشهد بصورة اعتسافية غبية، تؤكد غباء رموز الحكم وسلطته التي لا تريد أن تتعامل مع واقع التطورات وفق الحقائق الماثلة، في سياق الظن أنها قادرة على حجب ضوء الشمس في رابعة النهار.

فهؤلاء الشباب حينما نزلوا للاعتصامات السلمية مطالبين برحيل النظام إنما حملوا على أكتافهم مشروع وطن يتطلع إلى التغيير، وحملوا بين جوانحهم إرادة شعب لا يقهر برغم شدة المعاناة التي تراكمت على جوانب حياته خلال دورة زمنية كاملة (ثلاثة وثلاثين عاماً).

وإذا كان هناك من يظن أن الثورة قد طالت فقد أثبت هؤلاء الشباب في هذه الشهور الثلاثة أنهم قادرين على إسقاط رهانات النظام بكسب عامل الوقت، فكل يوم يزدادون صموداً، وكل يوم ترتفع معنوياتهم وهم يشاهدون بنية النظام تنهار حجراً حجراً، وتحول الوقت إلى عامل من عوامل نجاح هذه الثورة المباركة.

فمن ناحية تلاشت مقولة أن نَفَسْ اليمنيين قصير، وأن طبيعة العجلة والاستعجال تجعلهم غير قادرين على مواجهة الاحتمالات. ومن ناحية ثانية أصبح الوقت أحد الوسائل الفسيولوجية التي تفتك في عضد النظام وتجعله يعيش في حالة نفسية تزداد كل يوم صعوبة، حيث تضيق أمامه كل الخيارات، على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وبعد أن كان يظن أنه سيكسب بإطالة أمد الوقت وجد أنه يخسر نفسه، وتحولت حياته إلى جحيم، فهو يعيش في هذه اللحظات وفق منطوق المثل العربي ( انتظار البلاء أشد من وقوعه) فالوقت بالنسبة له الآن هو حالة من انتظار البلاء، والوقت بالنسبة لشباب الثورة هو مزيد من الثبات ومزيد من الاصرار ومزيد من توسيع الخيارات، ومزيد من تراكم الخبرات.

ومن أجمل ما يحققه الوقت لصالح الثورة هو ترسيخ هذا المشهد التاريخي على المستوى الشعبي العام وتعميق جذوره، حيث تحولت الثورة الشبابية اليمنية إلى ملحمة اجتماعية، وسياسية وثقافية فريدة، وما تزايد خروج شباب التغيير في المظاهرات والمسيرات المليونية التي تجوب شوارع المدن اليمنية على مدار أيام الأسبوع، إلا مظهراً من مظاهر تنامي هذه الثورة، وتجذر أدوارها وفاعليتها، الأمر الذي يؤكد حتمية النصر بإذن الله سبحانه وتعالى، ويجعل عملية الانتقال إلى مرحلة ما بعد الثورة تسير بثبات لا يهتز وثقة لا تتزعزع ووعي متكامل يستوعب مجمل المعطيات ومتطلباتها ومآلاتها..

--------------- 

د.رياض الغيلييا صالح !!!!!
د.رياض الغيلي
مشاهدة المزيد