تهنئة اللواء علي محسن الأحمر مستشار رئيس الجمهورية لشئون الدفاع والأمن للشعب اليمني بمناسبة الذكرى ال23 لإعلان الجمهورية اليمنية في 22مايو 1990م ذكر اللواء في تهنئته القصيرة بكلماتها والكبيرة بمضمونها ودلالتها
اللواء علي محسن الأحمر يعتبر يوم ال22 من مايو يوم خالد في حياة اليمنيين ويعتبر اكبر منجز تاريخي لليمن وهذا اليوم كان فاتحة خير لليمنيين وألف بين قلوبهم وجمع شملهم بعد فراق قسري استمر لعقود نتيجة الصراع بين النخب الحاكمة للشطرين
ما يستدعي لتناول تهنئة اللواء علي محسن هو ما ذكره في تهنئته عن الأطماع السياسية والمشاريع الذاتية الضيقة لدى قيادة الشطرين قبل الوحدة وهذه الأطماع هي التي أسست برنامج تدمير الوحدة والذي تزامن مع ولادتها ، وكان اللواء علي محسن صريحا وواضحا لتناوله أول مسمار دق في جسد الوحدة وهو سعي طرفي الحكم قبل الوحدة وقيادة الوحدة بعد 22مايو 1990م ومحاولة كل طرف إقصاء الطرف الآخر والانفراد بالحكم
الانفراد بالحكم هو المشروع الذي كان يسيطر على كل طرف وتحديدا الرئيس علي صالح ونائبه علي سالم البيض وهدف الانفراد بالحكم قد يكون دافعهم لتحقيق الوحدة
تحقيق الوحدة كهدف وطني وقومي يعتبر من أهم المنجزات الوطنية التي تحققت لليمن عبر تاريخه الطويل وكانت خطوة شجاعة من الرئيس علي سالم البيض الذي آثر علي صالح وقبل بالتنازل عن منصب الرئاسة دون شروط واكتفى بالقبول بمنصب نائب الرئيس ( الرجل الثاني في دولة الوحدة ) وهذا دليل على شجاعة الرجل ووطنيته وحسن نواياه وهذه الصفات العاطفية والسلوك الوطني للبيض هو الذي دفع بشريكه صالح لتقمص الفرصة لإزاحة شريكه البيض ليس من موقعه كنائب للرئيس وانما بإزاحته عن اليمن
العمل الإستعجالي الذي سيطر على مرحلة إعداد إعلان الوحدة كان هو البذرة الأولى للخلاف ولو كتب للقائمين على مشروع إعلان الوحدة يومها ان ابتعدوا عن حسن النوايا وعملوا على صياغة اتفاق سياسي يضمن صيانة الوحدة واستمراريتها بعيدا عن المقاسات التي فصلت على حجم و رؤى علي صالح وعلي البيض وهما اللذان استبعدا اشراك القوى الفاعلة في الشطرين ، ولأن مشروع الوحدة كان يمثل هاجسا وهما لكل اليمنيين قبلوا به وهللوا وكبروا له بالفرحة والسعادة ولم يكون عامة المواطنين وغالبيتهم على درجة من الفهم بسوء نوايا شريكي الوحدة وما تضمره النفوس تجاه الأخر
لو ( وهي من عمل الشيطان وتدل على الندم ) كان للقوى السياسية والنخب المجتمعية بصمة بمشاركتها ومساهمتها بمشروع الوحدة كان هذا يعد من الضمانات القوية للوحدة بدلا ان يخضع مصير شعبين لمزاج وأهواء العليين ( صالح والبيض ) وتصرفاتهما التي أضرت بالوطن وبالوحدة ولا زالت إلى اليوم
ولهذا ندرك مغزى كلام اللواء علي محسن الذي أقر بأن الشعب اليمني لم يكون شريكا في الأطماع السياسية لأنه لم يشارك او يستشار هذا الشعب على برنامج الوحدة ونتيجة للانفراد بالحكم وخروج النوايا السيئة الباطنة التي كانت مدفونة في عقل الرجلين للسطح كممارسة شيطانية هدمت الجدار المقدس للوحدة وكان للشعب ان يكون هو الضحية مقابل أطماع القيادات السياسية والضحية الأكبر لمشروع السيطرة والانفراد هي الوحدة ذاتها
اللواء علي محسن يشهد بأن الوحدة تعرضت لكارثة بعد أربع سنوات من تحقيقها ويؤكد ان إرادة الشعب اليمني انتصرت على هذه الكارثة وبشهادة واضحة يقر اللواء بأن الانتصار كان كارثة أيضا لأن الأمور سارت على ما كان يسعى له احد طرفي قيادة الوحدة وهو الانفراد والاستئثار بالسلطة وبالحكم وهذا ما تحقق لعلي صالح الذي الحق بالوحدة نكسة لكيانها الوطني وعلي صالح الذي انفرد واستبد وأستأثر بالجنوب أرضا وشعبا وهو الذي وضع حجر فك الارتباط النفسي قبل الجغرافي بسبب سياسته التي تعاملت مع شعب الجنوب كغنيمة حرب وكضيعة خاصة بأفراد عائلته وطاقم المطبلين الجدد على أشلاء وبقايا شعب الجنوب
المشكلة التي ألحقت الضرر بالوحدة جاءت كإشارات في تهنئة اللواء علي محسن وهذه الإشارات هي اعتراف على الخلل الذي أدى الى تدهور الوحدة الاجتماعية بين الشعبين وهذا الاعتراف مهم ويعني الكثير نظرا لموقع اللواء الأحمر ومكانته القوية كركن من أركان المرحلة إضافة الى دوره الوطني في الحفاظ على الوحدة كدولة ومضمون لكنه لم يكون يعرف ان الأمور ستسير بالبلد الى الوجهة الخطأ بالرجل الخطأ والممارسة الخطأ
اللواء علي محسن لا يخفي موقفه من الدفاع عن الوحدة كدولة والمؤكد ان الوحدة كانت مهددة بخطر أحد الرجلين (علي صالح وعلي البيض ) لان الرجلين ابتعدا عن مهمتهما الوطنية كصانعين للوحدة وتحولا سريعا الى الردة عن الوحدة كلا بطريقته ووسائله وآليته وأدواته الخاصة وكلها محركات شخصية وعائلية
فعلي صالح تعامل الوحدة كمشروع وكهدية أتت بها الأقدار ومثله تعامل البيض أيضا فالبيض جاء الى الوحدة وعينه على الشمال وعلي صالح ذهب الى الوحدة وعينه على الجنوب وعلى هذا فالرجلين تجردا من وطنيتهما في وقت مبكر ولو كانت نواياهم وطنية على الدوام كان الموقف سيختلف لأن الوحدة كانت مهددة بوجودهما وأنهما الخطر عليها ولو كان للقوى السياسية مساهمة في القرار واستبعدوا الرجلين من قيادة دولة الوحدة ومن اللحظة الأولى كان هذا يعتبر الضمان الأكبر والأقوى للوحدة وديمومتها
السير بدولة الوحدة وهي مكسورة الجناح سار باتجاه التوريث للسلطة مع ضن الرئيس حينها علي صالح خطأ بضمانة وراثة شعب الجنوب الذي تعامل معه كأرضية منحت له دون ثمن ، وعلى أساس تعزيز هدف التوريث والانفراد قام علي صالح بتصفية كل ما يعود لدولة الجنوب وشعب الجنوب وبدأ مشروع التصفية بتصفية الكادر الوظيفي لدولة الجنوب من مدنيين وعسكريين وأمنيين وخبرات وحول عشرات الآلاف الى عاطلين ومشردين بهدف ضمان الاستحكام على أرضية عفوا شعب الجنوب وقام بتصفية مؤسسات الجنوب واستولى على الأرشيف والتاريخ والذاكرة واشترى النفوس وعبث كالطفل بدولة كاملة الأركان ضنا منه ان تلك الدولة هي (جعالة) الولد احمد وإخوانه ، وكانت الكارثة فعلا حيث ابعد أبناء الجنوب سجنا وتشريدا وملاحقة واتى بجنوبيين زورا وبهتانا دون ان تربطهم بالجنوب أي علاقة فكان نموذج الجنوبي الجديد هو ( عبد الكريم شائف ، ياسر اليماني ، عارف الزوكا ..... الخ ) وبهذا اعتبر الجنوبيين ان فك الارتباط أصدره الرئيس صالح
التوريث الذي سعى من اجله صالح هو من دمر اليمن وهو السبب وراء ظهور طبقة من المهللين بحمد علي صالح لإجل عيون الولد احمد فكان النهاية لمشروع اليمن
التوريث هو المشروع الذي قاومه اللواء علي محسن الأحمر وكان لهذه المقاومة التي جند لها اللواء الأحمر كل طاقته وتحققت بإعلانه الانضمام الى ثورة الشباب الشعبية السلمية قي 21مارس 2011م وهو اليوم الذي كتب التاريخ نهاية حكم صالح وحلمه بتوريث اليمن لأفراد من عائلته وكتب ان كانت نهايته على يد قائد الثورة الشبابية وداعمها القوي اللواء علي محسن صالح .
الوحدة اليمنية هي المنجز الذي احتوى هوية اليمن ويجب التفريق بين الوحدة كهوية وبين من أدارها وأساء إليها والتفريط بالوحدة خيانة للشهداء والأبطال الذين قدموا أرواحهم قبل ان يتحقق هذا الحلم وخيانة للأجيال القادمة أما هذا الجيل الذي تربى على أغاني وأناشيد الوحدة منذ الطفولة يكفي انه كلن شاهدا على الجانب المظلم الذي ترافق معها ورغم هذا إلا انه صامد لحمايتها ، ولا يمكن لأي عاقل التفريط بها والواجب يدفعنا جميعا للسعي لإصلاح الخلل من خلال صيغة تضمن بقاء الوحدة كإطار يجمع اليمن واليمنيين
ولا ننسى ان المخلوع علي صالح يسعى لهدم جدار اليمن الواحد لأنه سبق وان قال أنا الوحدة ومغادرتي للسلطة يعني الانفصال ومن يسعون لفك الارتباط سيقدمون له خدمة على طبق من ذهب لان عودة اليمن إلى شطرين هي أمنية ورغبة للمخلوع من اجل ان يبقى اسمه رديفا للوحدة
أبناء الشعب الجنوبي كلهم عقلاء وهم الأكثر وحدوية ورجاءنا لهم ان لا يمنحوا المخلوع علي صالح هذا الشرف
أخيرا أتوقع ان الفترة القادمة ستشهد ظهور كثير من الحقائق وأنا على ثقة أن الحقائق المهمة خلال الثلاثة العقود الماضية ستكون من اللواء علي محسن الأحمر الذي يعرف حقائق وخبايا هذه الفترة لأنه الشاهد القوي والأمين أيضا على نقلها من ذاكرته وخزائنه إلى الأجيال القادمة
في الجمعة 24 مايو 2013 05:24:17 م