|
هكذا عهد الناس تركيا حكومة وشعبا، عهدوها أفعالا شجاعة ومواقف مشرفة، قبل أن تكون أبواقا تكثر الحديث على حساب الفعل، وما رأيناه في تركيا هو قلة الحديث وكثرة الأفعال والمواقف فهي إذا أفعال مسئولة ومشرفة قبل أن تكون أقوالا وشعارات، فهي إذا أفعال الرجولة التي لن نجد لها وصفا إلا كما قرأنها في قرآننا (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) والشعب والتركي وحكومته لا تتصرف بمثل هذه رجولة ومواقف مشرفة إلا لأنها عاهدت الله إلا تصبر على ظلم الظالمين؛ فكانت أفعال الشجاعة والرجولة هي قواميسهم لا المزيد من الكلام، والشجب، والتنديد. ذلك كان موقف الأتراك لأنه لا يوجد حاجز خوف في قلوبهم مما يسمى بـ (أسطورة إسرائيل).
حكومة تركيا شجاعة وتتصرف برجولة لأنها ليست حكومة عربية، أعني أن القرار فيها للشعب، لأن الحكومة في الأصل منتخبة من الشعب انتخاب حر ونزيه وشفاف، والحكومات العربية ليست كذلك هي مفروضة على الشعب فرضا بدعم غربي وعلى الأخص أمريكي، ولهذا هي تصرح من رأسها بعيدا عن شعبها، وما علينا إلا انتظار رد العرب لأنهم منتظرين الإذن من أمريكا أو لم يتفقوا على صيغة التنديد بعد أو أنهم منتظرين لأمريكا أن تتحدث فيتحدثون على منوالها. إن الشعوب في كل العالم موقفها من موقف حكومة تركيا، لأنها لا ترضى بالظلم، ولا ترضى بالاستعباد.
لذلك كان المطلوب من العرب - قبل أن يكسروا حاجز الحصار المفروض على غزة - كسر حاجز الخوف من قلوبهم من أمريكا وإسرائيل، فإن الذي تكون المشكلة في داخله، لا يمكنه أن يتحرك خارجه، وللأسف ما ظلت إسرائيل تشكل أسطورة وكابوس مخيف ومقلق في قلوب أكثر السلطات الحكومية فلن تتوقع ما هو جديد من حيث المواقف.
وأظن أن موقف تركيا الراهن ومواقفها المشرفة على الدوام يثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن الأتراك أثبتوا للعالم بأنهم نعم الرجال ونعم الساسة وأن تركيا نعم الدولة، وأظن أنه قد أنِي للذين يزايدون على مواقف تركيا من أنها تتاجر بقضية فلسطين ومن أنها ترفع شعارات أن يرجعوا عن مزايدتهم وأن يستيقنوا بأن تركيا تتحرك من موقع المسئولية أمما ربها أولا ومن واقع المسئولة أمام شعبها ثانيا. وليسوا متاجرين بالقضية الفلسطينية ليكسبوا الصف العربي الضعيف، بل أثبتوا حبهم للقدس فلسطين بالدماء حتى يخرس الناعقون الذين ما يزالون محاولة تغطية ضوء الشمس بغربال ليراهنوا ويزايدوا على مواقف الأتراك التي لم يقف مثلها العرب التي اتسمت مواقفها بالمتواطئة والضعيفة التي لا تسمن من جوع ولا تؤمن من خوف، ومن هنا آسف لمن يبكي أو يتباكى على تقاعس وتباطؤ الرد العربي الرسمي على ما حصل من هجوم على الأسطول الحربي – عفوا - أسطول المساعدات للجوعى الفلسطينيين وللمرضى الذي مدهم بالأكل والدواء آسف عليهم لأنهم يتعاموا عن فهم موقفهم ثم أقول إن الذي يطلب منهم الرد كأنه يطلب الرد من أمريكا نفسها، فلا أظن أن السلطات في الدول العربية لن ترد إلا بعد رد أوباما وسوف تكتفي بترديد ما يقوله بالضبط من دون نقص أو زيادة مخلة.
أقول أخيرا معبرا عن نفسي وعن كل مسلم وإنسان حر تحية إكبار وإجلال لتركيا أردوغان، دولة وشعبا، نساء ورجالا، شبابا وكهولا، تحية لتراب تركيا، ولسماء تركيا، ولتراب تركيا، تركيا التي قدمت كل شيء فلم تبخل بشيء وها هي قد بدأت بأول ضربة معول في أنف الصنم الكبير الكاتب على صدور العرب. وسوف تتوالى الضربات حتى يتهدم ذلك الصنم ويداس بالأرجل والأحذية.
ثم أختم بالقول إن إسرائيل حددت نهايتها بنفسها، وهي تزيد من الحفر تحت قواعده، وهي عما قريب آيلة إلى السقوط على يد ذلكم الرجال وفي مقدمتهم الأتراك.
في الثلاثاء 01 يونيو-حزيران 2010 06:34:37 م